هل تختلف نسبة الكافيين في أنواع القهوة؟

١٧ مايو ٢٠٢٥
ِِAmany Hashim
هل تختلف نسبة الكافيين في أنواع القهوة؟

القهوة هي أكثر من مجرد مشروب صباحي يساعدنا على الاستيقاظ؛ فهي ثقافة وتفاصيل ونكهات متنوعة تلامس أذواق عشاقها حول العالم. ومن أبرز الجوانب التي تشغل بال الكثيرين عند تناول القهوة هي نسبة الكافيين التي تحتوي عليها، خاصةً لأولئك الذين يحرصون على مراقبة استهلاكهم اليومي من الكافيين لأسباب صحية أو نمط حياة معين. لكن هل تعلم أن نسبة الكافيين تختلف بشكل كبير بين نوع قهوة وآخر؟ في هذا المقال، سنأخذك في جولة شاملة ومبسطة داخل عالم القهوة، نستعرض فيها العوامل التي تؤثر على نسبة الكافيين، مثل نوع الحبوب (أرابيكا وروبيستا)، وطريقة التحضير، وحجم الكوب، وحتى درجة التحميص. سنتعرف على الفرق بين قهوة الإسبريسو والقهوة المقطرة، وأيهما يحتوي على كافيين أكثر، بالإضافة إلى مقارنة بين مشروبات القهوة الباردة والساخنة.

سواء كنت من عشاق القهوة القوية أو تفضل مذاقًا خفيفًا، ستجد في هذا المقال إجابات دقيقة وعلمية تساعدك على اختيار نوع القهوة الأنسب لك، بناءً على كمية الكافيين التي تناسب نمط حياتك واحتياجاتك اليومية.


ما هي أنواع حبوب القهوة؟

عند الحديث عن نسبة الكافيين في القهوة، من الضروري أن نبدأ من المصدر الأساسي: حبوب البن. فليست كل الحبوب متساوية من حيث النكهة أو التأثير أو حتى محتوى الكافيين. وتُعد أرابيكا (Arabica) وروبيستا (Robusta) هما النوعان الرئيسيان المستخدمان في صناعة القهوة حول العالم، ولكل منهما خصائصه الفريدة:

أولًا: حبوب أرابيكا (Coffea Arabica)

تُعد حبوب أرابيكا الأكثر شيوعًا واستهلاكًا عالميًا، وتمثل حوالي 60 إلى 70% من الإنتاج العالمي للقهوة. تنمو هذه الحبوب في المناطق المرتفعة، مثل إثيوبيا وكولومبيا والبرازيل.


مواصفاتها:

  • نكهتها تميل إلى الحموضة والنعومة مع لمسات فاكهية أو زهرية.
  • تحتوي على نسبة أقل من الكافيين مقارنة بروبيستا، إذ تتراوح ما بين 1.2% إلى 1.5% فقط.
  • تعتبر الأغلى ثمنًا بسبب صعوبة زراعتها وحساسيتها تجاه الظروف المناخية.


ثانيًا: حبوب روبيستا (Coffea Canephora)

يأتي هذا النوع في المرتبة الثانية من حيث الانتشار، ويزرع في مناطق منخفضة وذات مناخ أكثر حرارة، مثل فيتنام وأجزاء من إفريقيا وآسيا.


مواصفاتها:

  • نكهتها أكثر قوة ومرارة، وغالبًا ما توصف بأنها ترابية أو خشبية.
  • تحتوي على نسبة كافيين أعلى تتراوح بين 2% إلى 2.7%، ما يجعلها أكثر فعالية في تنبيه الجهاز العصبي.
  • أقل تكلفة من أرابيكا وتستخدم بكثرة في قهوة الإسبريسو والمشروبات الفورية.


مزيج الأرابيكا والروبيستا


تُستخدم في بعض أنواع القهوة التجارية خلطات تجمع بين أرابيكا وروبيستا لتحقيق توازن بين النكهة الناعمة والكافيين العالي. هذا المزيج يناسب من يبحثون عن طعم قوي وتحفيز سريع دون التضحية بجودة الطعم.


هل تختلف نسبة الكافيين في أنواع القهوة؟

نعم، تختلف نسبة الكافيين في أنواع القهوة بشكل واضح، ويعود ذلك إلى عدة عوامل رئيسية تؤثر على تركيز الكافيين في الكوب النهائي. أول هذه العوامل هو نوع حبوب القهوة، حيث تُعد حبوب الأرابيكا أقل كافيينًا مقارنة بحبوب الروبيستا. فحبوب الأرابيكا تحتوي عادة على نسبة كافيين تتراوح بين 1.2% إلى 1.5%، بينما تحتوي الروبيستا على نسبة أعلى قد تصل إلى 2.7%، ما يجعلها أكثر تأثيرًا في زيادة النشاط والتنبيه.

كما تؤثر طريقة تحضير القهوة بشكل كبير على كمية الكافيين. فمثلًا، الإسبريسو يُعد مركزًا من حيث الكافيين رغم أن كميته صغيرة، بينما القهوة المقطرة أو الكولد برو تحتوي على كميات أكبر من الكافيين نتيجة لاستخدام كميات أكبر من البن ومدة استخلاص أطول. أيضًا، القهوة التركية والأمريكية تختلف في محتوى الكافيين حسب عدد الملاعق المستخدمة وطريقة الغلي أو التقطير.

درجة تحميص البن تلعب كذلك دورًا مؤثرًا؛ فالبعض يظن أن التحميص الغامق يحتوي على كافيين أكثر، لكن الواقع أن التحميص الفاتح يحتفظ بنسبة أعلى من الكافيين لأن الحرارة العالية في التحميص الداكن تقلل من محتوى الكافيين نسبيًا.

وأخيرًا، حجم الكوب وكمية البن المستخدمة يؤثران بطبيعة الحال على كمية الكافيين في المشروب. فكلما زادت كمية البن أو حجم الكوب، زادت معها كمية الكافيين، حتى لو كانت طريقة التحضير واحدة.

بناءً على ما سبق، من الواضح أن نسبة الكافيين لا تعتمد فقط على نوع القهوة الظاهري، بل تتأثر بتفاصيل دقيقة يجب الانتباه لها عند اختيار نوع القهوة أو طريقة تحضيرها بما يتناسب مع احتياجات الجسم ونمط الحياة.


كيف تؤثر طريقة التحضير على نسبة الكافيين؟


تؤثر طريقة تحضير القهوة بشكل مباشر وأساسي على نسبة الكافيين الموجودة في الكوب النهائي، حتى لو كانت نفس الحبوب مستخدمة. فطريقة التحضير تحدد كمية الكافيين المستخلصة من البن، وتعتمد على عوامل مثل درجة الحرارة، وقت التخمير، كمية البن والماء، وطريقة الاستخلاص. إليك تفصيل ذلك:

عند تحضير قهوة الإسبريسو، يتم استخدام كمية صغيرة من الماء مع ضغط عالٍ لاستخلاص القهوة خلال وقت قصير جدًا (حوالي 25 إلى 30 ثانية). هذه الطريقة تعطي مشروبًا مركزًا يحتوي على نسبة عالية من الكافيين لكل مل، رغم أن كمية الكوب صغيرة نسبيًا. أما القهوة المقطرة أو الأمريكية، فتُحضر باستخدام كمية أكبر من الماء مع مرورها ببطء خلال البن المطحون، مما ينتج كوبًا أكبر حجمًا يحتوي على كمية إجمالية من الكافيين أعلى، ولكن بتركيز أقل في كل رشفة.

القهوة التركية، على سبيل المثال، تُغلى مع الماء والسكر أحيانًا، وتُشرب مع الرواسب، مما يجعلها غنية بالكافيين أيضًا، خاصة إذا كانت طريقة التحضير تشمل غلي القهوة أكثر من مرة. أما الكولد برو، فهي من أكثر الطرق التي تحتوي على كافيين عالٍ، لأنها تعتمد على نقع البن المطحون في الماء البارد لفترة طويلة (من 12 إلى 24 ساعة)، مما يؤدي إلى استخلاص كميات كبيرة من الكافيين حتى وإن كان الطعم ناعمًا وسلسًا.

أيضًا، القهوة الفورية عادةً ما تحتوي على كافيين أقل من القهوة الطازجة المحضرة يدويًا، بسبب عمليات التصنيع التي تقلل من محتواها الطبيعي من الكافيين.

في النهاية، يمكن القول إن طريقة التحضير قد ترفع أو تقلل من نسبة الكافيين في كوب القهوة بشكل ملحوظ، ما يعني أن اختيارك لطريقة التخمير يجب أن يكون مبنيًا على حاجتك من الكافيين، سواء كنت تبحث عن دفعة قوية من النشاط أو ترغب في تناول قهوة خفيفة مناسبة لأوقات الراحة أو المساء.


هل التحميص الفاتح يحتوي على كافيين أكثر من الغامق؟


نعم، التحميص الفاتح يحتوي عادةً على كافيين أكثر من التحميص الغامق، ولكن الفرق ليس كبيرًا كما يظن البعض، وغالبًا ما يكون طفيفًا، إلا أنه موجود بالفعل.

السبب في ذلك يعود إلى أن عملية التحميص تؤثر على التركيب الكيميائي لحبوب القهوة. كلما طالت مدة التحميص وارتفعت درجة الحرارة، كلما فقدت الحبوب جزءًا من محتواها من الكافيين. لذلك، التحميص الغامق الذي يتعرض لحرارة أعلى لفترة أطول يفقد بعضًا من الكافيين مقارنةً بالتحميص الفاتح الذي يُحمص بدرجات حرارة أقل ومدة أقصر.

لكن هناك نقطة مهمة يجب الانتباه لها: عندما نقيس القهوة بالحجم (مثل الملعقة)، فإن القهوة الفاتحة تحتوي على مزيد من الكافيين، لأن الحبوب تكون أكثر كثافة وأقل تمددًا من الغامقة. أما إذا قِيسَت بالوزن (مثل الغرام)، فإن الفرق بين الفاتح والغامق في كمية الكافيين يصبح أقل وضوحًا.

بعبارة أخرى:

– إذا استخدمت ملعقة واحدة من البن الفاتح وأخرى من البن الغامق، فالفاتح سيحتوي غالبًا على كافيين أكثر.

– أما إذا وزنت 20 غرامًا من كل نوع، فالفرق في الكافيين سيكون طفيفًا وربما غير مؤثر بشكل كبير على الجسم.

لذلك، نعم التحميص الفاتح يحتفظ بنسبة كافيين أعلى، لكن التأثير النهائي يعتمد على طريقة التحضير وكمية القهوة المستخدمة.


كم يحتاج الجسم من الكافيين يوميًا؟ وما هي الجرعة الآمنة؟


يحتاج الجسم إلى كمية معتدلة من الكافيين يوميًا للحصول على فوائده المنشطة دون التعرض لأعراض جانبية. ووفقًا لمعظم التوصيات الصحية المعتمدة، فإن الجرعة اليومية الآمنة لمعظم البالغين الأصحاء تتراوح ما بين:

300 إلى 400 ملغ من الكافيين يوميًا كحد أقصى.

وهذا يعادل تقريبًا:

  • 3 إلى 4 أكواب من القهوة المقطرة (حجم 240 مل لكل كوب).
  • أو ما يعادل كوبين من القهوة القوية مثل الإسبريسو أو الكولد برو.


ومع ذلك، تختلف قدرة التحمل من شخص لآخر حسب عدة عوامل مثل العمر، الوزن، معدل الأيض، وجود حالات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم أو القلق، بالإضافة إلى مستوى النشاط البدني.


الجرعات حسب الفئات:

  • البالغون الأصحاء: الحد الآمن هو حتى 400 ملغ يوميًا.
  • النساء الحوامل أو المرضعات: يُنصح بعدم تجاوز 200 ملغ يوميًا.
  • المراهقون: يُفضل ألا تزيد الجرعة عن 100 ملغ يوميًا.
  • الأطفال: لا يُنصح بتناول الكافيين إطلاقًا، أو بأقل قدر ممكن وتحت إشراف.


متى يصبح الكافيين خطرًا؟

تجاوز جرعة 500 إلى 600 ملغ يوميًا قد يؤدي إلى أعراض مثل الأرق، التوتر، خفقان القلب، اضطرابات في المعدة، أو حتى ارتفاع ضغط الدم. أما تناول أكثر من 1000 ملغ في اليوم لفترة مستمرة، فقد يُعرض الشخص لأضرار صحية أكثر خطورة.

إذا كنت حساسًا للكافيين، أو تعاني من القلق أو اضطرابات النوم، فقد تكون جرعة أقل من 200 ملغ كافية لك، ويُفضل توزيعها على مدار اليوم دون تناولها في المساء.

بالتالي، من المهم معرفة كمية الكافيين الموجودة في مشروباتك اليومية (قهوة، شاي، مشروبات طاقة، شوكولاتة...) لتبقى ضمن المعدلات الآمنة التي تعزز التركيز والنشاط دون آثار جانبية.


كيف تختار نوع القهوة المناسب لك حسب نسبة الكافيين؟

اختيار نوع القهوة المناسب لك حسب نسبة الكافيين يعتمد على احتياجاتك اليومية، نمط حياتك، وتحملك الشخصي للكافيين. فليست كل أنواع القهوة متساوية من حيث التأثير، وبعضها قد يمنحك دفعة طاقة قوية، بينما يكون الآخر أكثر لطفًا وهدوءًا. إليك كيف تحدد النوع الأنسب لك:


1. إذا كنت تبحث عن قهوة قوية ومنبهة:


اختر أنواع القهوة التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين، مثل:

  • حبوب روبوستا: تحتوي على كافيين أعلى من أرابيكا، وتمنحك دفعة مركّزة من النشاط.
  • كولد برو (Cold Brew): تُحضّر بنقع القهوة لفترة طويلة، وغالبًا ما تكون مشبعة بالكافيين.
  • إسبريسو مزدوج (Double Shot) أو القهوة الأمريكية المركزة، حيث تحتوي على كميات عالية من الكافيين رغم صغر حجم الكوب.


هذه الأنواع مناسبة للرياضيين، أو من يعملون لساعات طويلة، أو يحتاجون لتركيز ذهني عالٍ.


2. إذا كنت تفضل قهوة متوازنة التأثير:

اختر قهوة متوسطة القوة في محتوى الكافيين، مثل:

  • القهوة المقطرة (V60 أو Chemex) المصنوعة من حبوب أرابيكا.
  • القهوة التركية المحضّرة بطريقة تقليدية بكمية معتدلة من البن.
  • مزيج من أرابيكا وروبوستا، حيث تحصل على نكهة ناعمة مع كافيين متوسط.


هذه الأنواع مناسبة لمن يشرب القهوة يوميًا ويريد توازناً بين الطعم والفائدة دون التأثير على النوم أو الأعصاب.


3. إذا كنت حساسًا للكافيين أو تشرب القهوة في المساء:


اختر خيارات منخفضة الكافيين، مثل:

  • قهوة من حبوب أرابيكا فقط، خاصة المحمصة الفاتحة أو المحضّرة بطريقة هادئة.
  • القهوة منزوعة الكافيين (Decaf)، والتي تمر بعملية إزالة أغلب الكافيين مع الحفاظ على الطعم.
  • قلل من الكمية أو امزج القهوة العادية بمنزوعة الكافيين.


هذه الأنواع تناسب من يعاني من القلق، اضطرابات النوم، أو مشاكل في ضغط الدم.

ضع في اعتبارك أيضًا حجم الكوب وكمية القهوة المستخدمة. حتى القهوة الخفيفة يمكن أن تصبح قوية إذا شربتها بكميات كبيرة. لذلك، التوازن في التحضير والاختيار هو مفتاح الاستمتاع بالقهوة دون آثار جانبية.

باختصار، اختر قهوتك بناءً على هدفك منها: هل تحتاج إلى التركيز، الاسترخاء، أو مجرد لحظة استمتاع؟ الكافيين جزء من المعادلة، لكن معرفته بدقة سيساعدك في صنع تجربة قهوة مثالية لك.


في رفاهية القهوة، نأخذ تجربتك مع القهوة إلى مستوى جديد من الذوق والتميز. نوفر لك نخبة مختارة من أفضل أنواع حبوب القهوة من مصادر موثوقة حول العالم، سواء كنت من عشّاق القهوة الغنية بالكافيين التي تمنحك طاقة وانطلاقة يومية، أو من محبّي القهوة الخفيفة أو منزوعة الكافيين التي تمنحك طعمًا متوازنًا ولحظة استرخاء دون منبهات. نحن نؤمن أن القهوة ليست مجرد مشروب، بل تجربة متكاملة تبدأ من اختيار الحبوب وتنتهي بلحظة استمتاعك بالفنجان. اكتشف مجموعتنا المتنوعة من القهوة وتسوّق بثقة، فكل حبة نختارها بعناية لتناسب ذوقك واحتياجك.